بقلم : شادي طلعت . تحية لجنكيز خان في الذكرى 803 لدولة المغول

16 إبريل 1206 تأسيس دولة المغول
إن المعلومات الموجودة في ذهن أي مصري عن جنكيز خان مستمدة من كتب التاريخ التي تعلمها المصريون في المدارس كما أنها مستمدة من الأفلام و المسلسلات و كل هذا قدم لنا جنكيز خان على شكل رجل بدائي يأكل لحوم البشر و يستبيح النساء و يهوى التعذيب و القتل ... إلخ من صفات سيئة تجعل من يسمعها أو يقرؤها يكره الرجل جدآ ، في حين أن جنكيز خان كان عكس ما صوره لنا تاريخنا المزيف .
فكما زور التاريخ مرحلة ما قبل ثورة 1952 و أساء و شوه صورة عائلة محمد علي ، فإنه أيضآ قد أساء لشخص ملك عظيم هو جنكيز خان .
فحياة جنكيز خان تدعو للتوقف و التأمل فالرجل لم يكن يهوى أن يكون قائدآ أو ملكآ و إنما دفعته الظروف لذلك و تعالوا نتابع نشأة الرجل منذ مولده .
لقد ولد جنكيز خان من أم كانت زوجة لزعيم أحد قبائل المغول ثم إختطفت من قبيلة أخرى و تزوجها زعيم القبيلة الأخرى ، و بعد زواجها الثاني حملت و أنجبت تيموجين "جنكيز خان" في أقل من 9 أشهر و ثارت الشكوك حول الطفل فالبعض يقول أنه إبن زعيم القبيلة التي تنتمي لها أصول أمه و الذي كان زوجآ لها ؟! في حين أن من خطف أمه و تزوجها أعلن أنه أبوه ؟! و كبر الطفل و هو يريد أن يثبت لنفسه و لمن حوله أنه من سلالة الرجل الذي قام بتربيته و هو زوج أمه الثاني و قد يكون فعلآ أبوه ؟!
المهم في القصة ما حدث بعد ذلك فأبوه مات و هو صبي و لم يعد إبن زعيم القبيلة و ساءت معاملة عائلته من القبيلة ثم إنفصلت العائلة عن القبيلة و في يوم أهين تيموجين "جنكيز خان" من أخيه حيث قال له أنت لست من دمنا فأنت من دم آخر فأمك حينما أسرت كانت تحملك في أحشائها ! و عايره بذلك الأمر و هنا قرر تيموجين قتل أخاه لأمرين :
الأمر الأول / لأنه لو ترك أخاه فإحتمال تفكك العائلة قائم .
الأمر الثاني / أن أخاه قد أهان أمه ، و هو أمر يخرج عن نصوص الإحترام .
و بالفعل قتل أخيه بمساعدة من أخوهما الثالث قاسار ، و حزنت الأم لفقد إبنها و زاد الحزن لأن القاتل إبنها أيضآ ! و نستطيع أن نقول أن هذه هي المرحلة الأولى للصبي بإستخدام السلاح و إراقة الدماء .
ثم كبر الصبي و تزوج من إحدى الفتيات و بعد عرسه بأيام أختطفت زوجته ، تمامآ كما حدث مع أمه ، و القدر هنا يرد ما فات بإنتقام شديد فخاطف زوجة تيموجين "جنكيز" كان هو زوج أمه الأول ، و هو الشخص الذي كان البعض يشكك تيموجين في أنه هو أبوه ؟! و هنا كان لابد للفتى تيموجين أن يعيد زوجته قبل أن يحمل أطفالها من غيره ، و بدأ في إعداد العدة و طلب النجدة و المساعدة من زعماء بعض قبائل المغول لمده بالسلاح و الرجال حتى يخلص زوجته من الأسر ، و لكن دام هذا الإعداد شهورآ طويلة و بعدها قامت الحرب بينه و بين القبيلة التي إختطفت زوجته و كما ذكرنا هي قبيلة أمه أيضآ ! و إنتهت الحرب بإنتصار تيموجين على من إختطفوا زوجته و إستطاع أن يخلص زوجته من الأسر و لكن في اليوم الذي إستطاع تخليص زوجته من الأسر ، إنكسر في نفسه شيئآ عظيمآ لأن زوجته كانت في الشهر الأخير لها من الحمل ، و هو لا يعلم هل من في بطنها إبنه أم إبن من عاشرها من بعده و سأل عن من عاشر زوجته فإذا به زوج أمه الأول ! و الذي كما ذكرنا يحتمل أنه أبوه ! و في نفس الوقت يحتمل أن من هو في أحشاء زوجته أخوه و ليس إبنه ؟! مسألة معقدة جدآ و أمر جلل يستحق الحسم بقرار لا رجعة فيه و هنا إتخذ تيموجين القرار و قتل خاطف زوجته بنفسه و لم يقتل من كان في بطنها بل إعترف به كإبن له .
بعد هذه المعركة أصبح تيموجين زعيمآ معترفآ به و هاجرت إليه معظم القبائل ، مما أثار و أغضب بعض قبائل المغول الأخرى و منها قبيلة التتار فأصبحوا يشنون هجومهم على قبيلة تيموجين و أصبحت حيات الشاب حربآ طويلة خسر فيها معارك و لكن في النهاية إستطاع أن ينتصر في الحرب و قضى على كافة قبائل المغول المتفرقة و إستطاع أن يوحد المغول لأول مرة في تاريخهم و يؤسس دولة المغول في 16 إبريل عام 1206 ميلادية و قد قامت الدولة على إحترام الإنسان و تعظيم قدره و تأسست على القانون و كان هذا مولد لقب " جنكيز خان " .
جنكيز خان لولا المرض لكان ملكآ للعالم فلقد بلغت فتوحاته ما لم يبلغه أي ملك قبله و ما من دولة وقعت تحت أيدي المغول إلا و ارتقت حضاريآ .
إن جنكيز خان لم يكن يحارب ليصبح ألملك الأعظم و لكن كان يريد إنشاء حضارة للعالم و لم يشأ أن يشعر أحد بما شعر هو به أثناء حياته ، لم يكن جنكيز خان يعتبر المرأة مجرد وعاء للإنجاب فقط بل كان يشعر بأنها جزء هام من المجتمع و لم يكن رجلآ ضد القانون في يوم ما لأنه كان يطبق القانون على نفسه أولآ .
هذا هو جنكيز خان و هذا هو تاريخه الحقيقي و ليس التاريخ المصري المزيف الذي أساء إليه كثيرآ و ليس أيضآ كما صوره الإعلام المصري المزيف للحقائق دائمآ .
إن شيم الشهامة الإعتراف بالآخر حتى لو إختلفنا معه فليس معنى وجود الخصومة أن نقبح كل ما و جميل في الآخر فلا زلنا لا نعرف ثقافة الإختلاف و لا زلنا شعب متعصب إذا ما أحب أعطى كل شئ و إذا ما كره أخذ كل شئ .
في النهاية تحية إلى جنكيز خان